معرض الكتاب احتضن محاضرة بمناسبة اليوبيل الذهبي لصدورها «البيان»... نصف قرن من الوهج الثقافي

معرض الكتاب احتضن محاضرة بمناسبة اليوبيل الذهبي لصدورها «البيان»... نصف قرن من الوهج الثقافي

الرميضي: قدمت الكثير للحراك الأدبي في الكويت

د. الشطي: ظللت أقرأها مطلع كل شهر حتى بلغت الخمسين عاماً

خلف: من المرجعيات الأدبية التي استمرت ولم تنقطع لأزمنة

علام: يشهد لها اهتمامها المتزايد بتناول تجارب رموز الثقافة

كتبت: فضة المعيلي

احتضنت فعاليات معرض الكويت للكتاب في دورته الـ 41، احتفالية مجلة «البيان» بمناسبة مرور نصف قرن على صدورها، وأدار المحاضرة الأولى أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي، وتحدث فيها كل من د. سليمان الشطي، والأديب عبدالله خلف، ود. عبدالرحيم علام من المغرب.

في البداية، رحب طلال الرميضي بالحضور ثم قدم ورقة بعنوان «البيان وتحديات العصر» تحدث فيها قائلا إن «البيان» هو لسان رابطة الأدباء الكويتيين والممثل عن الأدباء والشعراء والروائيين والباحثين وقد قدمت الكثير للحراك الأدبي في الكويت.

وأوضح الرميضي أن مجلس إدارة الرابطة عمد إلى تنظيم فعالية لائقة بمناسبة مرور نصف قرن على صدور أول عدد، فجاءت فكرة الشراكة مع أهم جهة ثقافية في الكويت والراعي للثقافة والأدب والفن والإبداع، وحتى يتعرف أكبر قدر من القراء على هذا النبع الأدبي الأصيل، فكانت ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب.

وأشاد الرميضي بدور وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود السالم الصباح وعبر بهذه الكلمات قائلا: عرفنا عنه حرصه الشديد على مشروع يخدم الثقافة في وطننا، كما شكر الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة والأمين العام المساعد لقطاع الفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب محمد العسعوسي، بالإضافة إلى كل العاملين في هذا الصرح الكويتي الجميل.

وتابع الرميضي بقوله: قامت الرابطة بالاهتمام بهذه المجلة الأدبية من عدة محاور بهدف مواكبة العصر بعد مضي نصف قرن على صدورها، لذا فقد قامت بنشرها إلكترونيا وبالمجان في موقع خاص يحمل اسمها، وقد حصدت هذه البادرة القبول والانتشار في مختلف أرجاء الوطن العربي وتعريف المتلقي بجانب مضيء من الثقافة الكويتية.

وأضاف: مجلس الإدارة اهتم بنشر الأعداد القديمة عبر الفضاء الإلكتروني، فتم الاتفاق مع الأديب الكويتي الكبير محمد الشارخ على نشرها في موقع أرشيف المجلات القديمة ليتمكن القارئ من قراءة العدد الأول الصادر في أبريل 1966 وتحميله. وأشار إلى أن هذا الاتفاق كان مجانيا ودون كلفة أو أعباء على الرابطة، ودون مردود مادي لها.

وأكد الرميضي أن الهدف الوحيد هو كشف اللثام عن إشعاع جميل من وطننا ساهم رواد الأدب في تحريره.

 

البيان

بدوره، قدم د. سليمان الشطي ورقة بعنوان «ومضات ذاكرة... في صحبة مجلة البيان» أوضح فيها أنه ما إن صدر قانون 24 لعام 1961 الخاص بتنظيم إشهار جمعيات النفع العام، حتى بادر حشد من الأدباء ونفر من المثقفين يتقدمهم في الحماسة المرحوم الشاعر عبدالمحسن الرشيد بطلب إنشاء رابطة للأدباء، إحياء لمبادرات سابقة، النادي الأدبي في العام 1924، ثم أعقبها في الخط نفسه إنشاء الرابطة الأدبية في العام 1958، التي استضافت مؤتمر الأدباء العرب، ثم طالتها يد الإغلاق عندما تم إغلاق النوادي في العام 1959. 

وتابع الشطي: جاءت المبادرة الجديدة في الأشهر الأخيرة من العام 1964 ليتم إشهارها في يناير 1965، وتظفر بمبنى ملحق في مجمع منطقة الدسمة، وهو مبنى خصص بعد أشهر قليلة ليكون مكتبة نسائية وانتقلت الرابطة إلى الدور الأول في المبنى الملحق بقاعة مسرح الدسمة لتبدأ انطلاقتها الحديث.

وأضاف: أنه ومنذ استغلال الرواد الفرصة للحصول على ترخيص لمجلة أدبية قبل أن تبدأ التعقيدات الإدارية، استطاعوا من خلالها الحصول على ترخيص مجلة تم اختيار «البيان» اسما لها ليزينها بدءا من العدد الثاني نص المأثور النبوي: «إن من الشعر لحكما وإن من البيان لسحرا». ولفت إلى أن الحصول على الترخيص أمر إداري، أما الإصدار فأمر يحتاج إلى جهد جهيد، في بيئة ثقافية محدودة الطاقات، وجميع إمكاناتها المادية تقف عند الحد الأدنى على أمل أن يكون للتطوع دور في تحريك العجلة.

وتابع قائلا: اتجهنا إلى حشد وحث أعضاء هيئة التحرير والأصدقاء على الكتابة لتوفير مادة سريعة حتى نتمكن من إصدار العدد الأول وتجهيز العدد الثاني خلال شهر، مبينا أن كثرة المقالات المنشورة جاءت بمبادرة من كتاب كويتيين وقفوا بجانب هذه المجلة الوليدة، إضافة إلى كتاب عرب في الكويت.

وتطرق د. الشطي إلى العديد من المراحل والحقب الزمنية التي مرت على تلك المجلة العريقة والتي تأتي في مقدمتها: «عام النكسة»، وصدور شكلها وحلتها الجديدة، و«الغزو العراقي الغاشم». واختتم حديثه قائلا: واستمرت الجهود متواترة، فظلت «البيان» تصافح مطلع كل شهر حتى بلغت الخمسين عاما، وتستفتح نصف قرنها الثاني الذي أتمنى أن يكون بمعيته فكر جديد متسق مع عصر فيضان المعلومات وتتطور أدوات الاتصال، فلكل عصر وسائله ولغته وقضاياه، فالمتثائب والخجول في خطواته سيتخطاه عصره، والمبدعون دائما هم دائما خطوة متقدمة.

المرجعيات الأدبية

 

من جانبه، أشار الأديب الكويتي عبدالله خلف إلى تزامن ولادة جامعة الكويت بولادة مجلة رابطة الأدباء «البيان» في عام واحد هو العام 1966، لافتا إلى أنه مع افتتاح الجامعة في 27 نوفمبر كانت مجلة «البيان» قد اجتازت عددها الثامن والتي كانت ولادتها في شهر أبريل من العام نفسه.

وأضاف: إن «البيان» من المرجعيات الأدبية والوحيدة من بين مجلات الروابط والاتحادات الأدبية التي استمرت ولم تنقطع لأزمنة إلا لظرف قهري في أشهر الغزو العراقي، مشيرا إلى أن استمرارية «البيان» كاستمرارية بقية المجلات حيث الحرية، وحرية النشر وعدم تدخل الإعلام الحكومي كما هو في سائر البلاد العربية.

واستذكر خلف العدد الأول للمجلة حيث أوضح أن أول ما يصادفك في صدر العدد لوحة فنية رائعة تحمل اسم «الطفل والكلمات» للفنان عبدالله القصار، لافتا إلى أنه وفي صفحاتها الأولى كانت هناك قصيدة لم تنشر من قبل عثر عليها عن أحد عشاق الأدب مكتوبة بخط الشاعر فهد العسكر وعليها توقيعه التي نظمها في العام 1936، مبينا أن العدد الأول احتوى أيضا على نخبة من المساهمات للرواد والمؤسسين مثل فرحان الفرحان أحد رواد القصة القصيرة حيث كتب قصة بعنوان «أحلام فتاة»، والشاعر عبدالله سنان والذي قدم قصدة يحيي فيها ولادة البيان: اليوم قد بُعث الأدب/ بعزيمةِ الغر النُّجب/ اليوم يبتسم الزمان/ وينتهي دور اللعب.

 

المبادئ والقيم

 

من جانبه، قدم د. عبدالرحيم علام ورقة بعنوان «مجلة البيان وصيرورة الثقافة والإبداع العربيين: من التأسيس إلى التجديد»، فقال: إن كثرة ما صدر من أعداد مجلة «البيان»، قد لا تسمح لنا بالبحث فيها جميعها، لكن وفاء المجلة للمبادئ وللقيم النبيلة التي تأسست عليها، يجعلنا، بشكل عام، مجلة تتطور باستمرار، تبعا للتطور الذي تعرفة الحركة الثقافية والأدبية في الكويت وفي العالم العربي.

وأشار د. علام إلى أن المجلة يصعب أيضا حصر مجالات اهتماماتها الثقافية والفكرية واللغوية والأدبية والإبداعية والتراثية والحديثة، ليس فقط لكون مجلة «البيان» تتميز بتعدد أبوابها، وتنوع موادها. وأوضح أن المجلة في انفتاحها، منذ الأعداد الأولى، تبنت قضايا متنوعة مستشعرة بذلك ما يعرفه العالم العربي، ثقافيا وإبداعيا، من طفرة إبداعية ومتغيرات ثقافية متلاحقة، ما جعل المجلة مفتوحة أمام العديد من المجالات التي رصدتها، كالاهتمام بعلوم اللغة والنحو، وقراءة التراث، وإعادة قراءة الشعر العربي، والاهتمام بالفلسفة الإسلامية والغربية، والأمن الفكري وتكريس ثقافة التسامح ونبذ العنف وغيرها من المواضيع.

وأضاف: يشهد لمجلة «البيان» اهتمامها المتزايد بتناول تجارب رموز الثقافة والفكر والأدب، من الكويت وبعض البلدان العربية، على حد سواء. ولفت إلى أن من يتصفح أعداد المجلة منذ بداية صدورها في العام 1966 إلى اليوم، سيلاحظ من دون شك، مدى التطور والتجديد الذي طال المجلة، شكلا ومضمونا، وتبويبا، بشكل جعلها تساير التحولات المتسارعة التي يشهدها عصرنا، ثقافيا، وتكنولوجيا من غير أن تتنكر لما هو تراثي، إذ إن كل رئيس تحرير، من منطلق شعوره المفعم بالمسؤولية، يحرص على أن يضفي على المجلة لمسة خاصة، بشكل يجعلها تساير التحولات المتسارعة التي يعرفها عالم اليوم.

 

5 شعراء

 

شدوا بحب «البيان»

كتبت: ماجدة سليمان

ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي الـ 41 للكتاب، عاش الحضور أجواء شعرية مميزة تم تنظيمها ضمن احتفالية مجلة «البيان» بمناسبة مرور نصف قرن على صدورها، حيث قام 5 شعراء بالشدو في الأمسية، وداعبوا قلوب الحضور بأشعارهم الموزون منها والشعبي، وأدارت الأمسية الأديبة أمل عبدالله.

والشعراء هم: العُمانية سعيدة خاطر الفارسي والبحريني إبراهيم بوهندي، والفلسطيني سمير عطية، د. خالد الشايجي ووليد القلاف من الكويت.

في البداية، استعرضت الأديبة أمل عبدالله السيرة الذاتية للشعراء وهي سيرة حافلة بالإنجازات والجوائز في مجال الشعر والثقافة، وكانت البداية مع الشاعر البحريني إبراهيم بوهندي الذي أفصح عن حبه اللامحدود للكويت وأهلها، ثم شدا قصيدة «غزل الطريدة» قائلا:

متى يا ظبية القمر..

ويا مشدودة الأنفاس..

بين الحب والخطر..

متى أحظى بليل هادئ..

يمتد عينيك للسحر..

شربت عذابك غيما..

فضاق الصدر بالمطر..

وصياد أناخ ركابه..

كيلا أو وشوش صمتك بالشعر..

نصبت خيام قافلتي..

دخلت الماء مسحورا..

وجاء دور الشاعر الفلسطيني سمير عطية الذي شدا في حب الكويت وهو من مواليد الكويت، قائلا: حروف القصائد التي سألقيها استعرتها من جدران هذا المعرض ودروبه ورفوف كتبه، حروف هذه القصائد عرفتها طفلا في الأحمدية الابتدائية والقادسية المتوسطة وثانوية المغفور له عبدالله الجابر الصباح:

وإذا سألت عن الكويت..

فإنها شطر الفؤاد..

وأحرف الميلاد..

حنين على جناح نوس..

وحكى بأبياته التي انتقى مفرداتها بعناية وجمال عن الغزو الغاشم، ثم تطرق لما يحدث للدول العربية من النيل للفرات.

ومن قسوة الحياة إلى نشوة الحب كان لشعر المرأة نصيب في الأمسية الشعرية، ونجحت الشاعرة العمانية في إدخال البهجة في قلوب الحضور، حيث أنشدت قصيدة بعنوان «كثير من الحب» جاء فيها:

شيء من الحب أم شيء من العتب

أشحت عني بوجه باسم عذب

بيني وبينك أشواق معتقة

تفوق نشوتها ما قيل في العنب

وبيننا فيض أسرار نبوح بها

ونحن نرقى على كشف من العجب

كويت دفق الهوى، ماذا فعلت بنا

لينبت الورد من عشق ومن رغب

ولأنها أنثى حكت عن حب النساء لأشعار نزار قباني وانتقت في أبياتها قصائد نزار في المرأة، مؤكدة أن النساء يعشقن نزار قباني لأنه حرر المرأة وأشعرها بأنوثتها.

أما الشاعر الكويتي وليد القلاف فشدا عددا من القصائد التي تبارى فيها مع نفسه في اختيار الكلمات والمفردات وأبدع حين ألقى قصيدة كتبها عن مجلة «البيان»، قائلا:

خَمْسونَ عامًا وَالْبَيانُ لَنا بَيانْ

وَكَفى بِها شَمْسًا تَضيءُ لَنا الزَّمانْ

تَبْقى مَجَلَّتُنا الَّتي صَفَحاتُها

بِالزَّيْزَفونِ مَليئَةٌ وَالْأُقْحُوانْ

ما مَرَّتِ السَّنَواتُ إلّا وَارْتَقى

بِمَسيرِها الْأَمَلُ الَّذي مَلَكَ الْعِنانْ

في عيدِها الْخَمْسينَ طاوَلَتِ الذُّرى

بِالتّاجِ مُنْعَقِدًا لَها وَالصَّوْلَجانْ

تَهْوى الْجَمالَ وَتَرْتَجي إرْضاءَهُ

وَلَهُ انْحَنَتْ مِثْلَ انْحِناءِ الْخَيْزُرانْ

هِيَ واحَةُ الْأَدَبِ الَّتي أَزْهارُها

فيها احّمِرارٌ كَاحْمِرارِ الْأُرْجُوانْ

وانتشت الجماهير بروعة الأشعار التي انسابت بين شفتيه كجواهر اللؤلؤ، وجاء أداؤه ليؤكد أنه شاعر الجوائز، خصوصا أن مفرداته رغم صعوبة بعضها على القارئ العادي إلا أنها تلامس مشاعره وتقترب من أحاسيسه.

واختتمت الأمسية بالشاعر خالد الشايجي الذي شدا بقصيدة بعنوان «غربة وحنين» والتي كان مطلعها:

مت أنا غيض وروحي هائم

في سماء الكون مثل الوافدين

وكان مسك ختام الأمسية حيث أمتع الحضور بكلماته الأنيقة واختياراته الجميلة فشدا عن حب الوطن وعن الحب والغزل وصفق له الجمهور كثيرا.

 

تغطية المجلس الوطني الرابط هنــا